منتديات طالب العلم الشرعي
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 شبهة حول التكرار في القرآن الكريم

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
خادم السنة

خادم السنة


عدد الرسائل : 135
تاريخ التسجيل : 19/06/2007

شبهة حول التكرار في القرآن الكريم Empty
مُساهمةموضوع: شبهة حول التكرار في القرآن الكريم   شبهة حول التكرار في القرآن الكريم Emptyالإثنين أغسطس 27, 2007 1:53 pm

شبهة حول التكرار في القران


في القرآن الكريم قصص تكررت أكثر من مرة، وآيات ترددت في مواضع عديدة، وألفاظ وردت في مواطن متعددة، فما حقيقة التكرار الواقع في كتاب الله، وما هو فيصل القول فيه، وما مدى صدق ما يقوله المشككون: إن القرآن إذا حُذف منه المكرر لم يبق منه إلا القليل ؟

وللرد على هذه الشبهة نقول :

إن التكرار في القرآن الكريم أمر واقع لاشك فيه، وهو حق لا ريب فيه أيضًا، سواء ظهرت لنا الحكمة من وراء هذا التكرار أم لم تظهر، هذا على سبيل الإجمال. أما على وجه التفصيل، فنقول:

إن التكرار في القرآن يقع على وجوه؛ فهناك التكرار في القصة الواحدة، كقصة آدم عليه السلام، وهناك التكرار في الآية الواحدة، كقوله تعالى: { فبأي آلاء ربكما تكذبان } (الرحمن:13) وهناك التكرار في اللفظ الواحد، وهناك التكرار في الأوامر والنواهي، ونحو ذلك .

إلا أن التكرار الواقع في القرآن الكريم، يباين التكرار الكائن في كلام البشر؛ إذ إن هذا الأخير يُعدُّ عيبًا في الأسلوب، يُعاب عليه الكاتب .

والتكرار في كلام الله سبحانه ليس هو التكرار المعهود والمذموم في كلام البشر، إذ هو تكرار محكم، ذو وظائف يؤديها في النص القرآني.

إن التكرار في القرآن يؤدي وظيفتين اثنتين:

الأولى: وظيفة دينية، غايتها تقرير وتأكيد الحكم الشرعي، الذي جاء به النص القرآني.

الثانية: وظيفة أدبية، تتمثل في تأكيد المعاني وإبرازها وبيانها بالصورة الأوفق والأنسب.

ولبيان وظيفة التكرار في القرآن نمثِّل لذلك بأمثلة:

1 ـ التكرار الواقع في الأداة؛ فمن ذلك قوله تعالى في سورة النحل: { ثم إِنَّ ربك للذين هاجروا من بعد ما فتنوا ثم جاهدوا وصبروا إنَّ ربك من بعدها لغفور رحيم } (النحل:110) فتكرار الأداة { إنَّ } في الآية، قال فيها أهل العلم:

إنه لما طال الفصل بين الأداة { إنَّ } وخبرها، حَسُنَ تكرار الأداة { إنَّ } مرة أخرى، فاقتضت البلاغة إعادتها لِتُلْحَظَ النسبة بين ركني الجملة ( الاسم والخبر ) ولو قرأت الآية من غير إعادة الأداة { إنَّ } لوجدت الأسلوب ركيكًا ضعيفُا مضطربًا.

وعلى وفق هذا قول الشاعر:
وإن امرأً طالت مواثيق عهده على مثل هذا إنه لكريم


فقد أعاد الأداة ( إنَّ ) لما طال الفصل في الكلام بين اسمها وخبرها، وهذه الإعادة والتكرار من البلاغة والفصاحة بمكان.

2 ـ تكرار الكلمة، مثال ذلك قوله تعالى: { أولئك الذين لهم سوء العذاب وهم في الآخرة هم الأخسرون } (النمل:5) ففي الآية الكريمة تكرار كلمة {هم} وهي ضمير رفع منفصل، جيء بها لتأكيد النسبة بين الطرفين، الذين لهم سوء العذاب، والأخسرين .

ومنه قوله تعالى: { أولئك الذين كفروا بربهم وأولئك الأغلال في أعناقهم وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون } (الرعد:5) .

فقد كررت الآية الكريمة كلمة { أولئك } ثلاث مرات، ولهذا التكرار وظيفة عظيمة، حاصلها أن مجيئها في الموضع الأول قُصِدَ به الإخبار عن شأن منكري البعث، وأنهم كفروا بربهم بهذا الإنكار؛ ومجيئها في الموضع الثاني لبيان حالهم، وأن الأغلال في أعناقهم؛ أما مجيئها في الموضع الثالث، فلبيان مآلهم ومصيرهم الذي صاروا إليه، وهو العذاب الخالد والمهين.

ولو أنك أسقطت هذا اللفظ في موضع من المواضع الثلاثة لضَعُفَ المعنى، واضطراب الأسلوب، وتجافى عن الذوق السليم. ولذلك حَسُنَ التكرار في هذا الموضع، تبيانًا للمعنى، وتأكيدًا للعلاقة بين المواضع الثلاثة .

3 ـ تكرار الآية القرآنية الواحدة، نقف في ذلك عند ثلاث سور لهذا التكرار .

ـ في سورة القمر تكرر فيها قوله تعالى: { فكيف كان عذابي ونذر } (القمر:16) وهذه السورة قصَّ الله علينا فيها أخبار قوم نوح ، و عاد ، و ثمود ، و لوط ؛ وما جاء في كل واحدة من هذه القصص من التخويف والتحذير مما حلَّ بتلك الأقوام، فكان المقام والحال يستدعي هذا التكرار، إيعاظًاً لأهل القرآن، وتحذيرًا للمعرضين عنه من التمادي في غيِّهم وإعراضهم، وأن عاقبتهم إذا ما استمروا على ما هم عليه عاقبة أولئك الأقوام، الذين قصَّ القرآن علينا خبرهم ومآلهم .

ـ في سورة الرحمن تكرر فيها قوله تعالى: { فبأي آلاء ربكما تكذبان } (الرحمن:13) حيث المقام في هذه السورة كان مقام تعداد عجائب خلق الله، وبدائع صنعه، ومبدأ الخلق والمعاد، وذكر النار وشدائدها، ووصف الجنان ونعيمها، فاقتضى كل ذلك هذا التكرار للآية الكريمة، تنبيهاً على نِعَمِ الله، وحثًا على شكره.

ـ في سورة المرسلات تكرار لقوله تعالى: { ويل يومئذ للمكذبين } (المرسلات:15) لأنَّ كل تكرار ذُكِرَ عقب آية غير الآية الأولى، فلا يكون تكرارًا مستهجناً ؛ بل لو لم يكن هذا التكرار للآية لكان الوعيد حاصلاً لبعض دون بعض .

وعلى هذا الأساس، يمكن إدراك علة التكرار الوارد في سور القرآن الكريم .

4 ـ أما عن تكرار القصص القرآني، فلا يمكن أن يُفهم حق الفهم إلا إذا عُلِمَ الهدف من القصص القرآني، ومن ثم عُرفت خصائص هذا القصص، وبالتالي يتضح لنا الحكمة من هذا التكرار.

ومجمل القول في ذلك:

لما كان من أغراض القصة في القرآن، إثبات وحدة الإله، ووحدة الدين، ووحدة الرسل، ووحدة طرائق الدعوة، ووحدة المصير الذي يلقاه المكذبون، استدعى المنطق القرآني هذا التكرار، لتحقيق تلك الأغراض، وتثبيتهاً في قلوب المؤمنين، وتحذيراً للمعاندين من مغبَّة الإعراض عنها.

ولما كان الغرض من القصص القرآني غرض ديني في المقام الأول، اقتضى الأمر أن تعرض منه الحلقات التي تقتضيها هذه الأغراض، فآخر حلقة تُعْرَض، تتفق مع أظهر غرض ديني، صيغت القصة من أجله، وذلك بحسب ترتيب سور القرآن الكريم .

فمثلاً، قصة موسى عليه السلام ورد أول ذِكْرٍ لها في سورة البقرة، وكان موضوعها ذبح البقرة وتشديد بني إسرائيل على أنفسهم، فشدد الله عليهم.

ثم جاء ذكر لها في سورة المائدة وفيها عرض لحلقة التيه، فهؤلاء بنو إسرائيل قد أغدق الله عليهم نعمته ؛ ولكنهم في النهاية لا يحافظون على هذه النعمة، ولا يدخلون الأرض المقدسة، وقد جهد موسى عليه السلام ما جهد لردهم إليها؛ فيكون تأديبهم على هذا الموقف، تركهم في التيه لا مرشد لهم ولا معين، حتى يأتي الأجل المعلوم .

وهذا الهدف الديني للقصص، هدف ملحوظ ومقصود في باقي القصص القرآني؛ كقصة آدم ، وقصة إبراهيم ، وقصص باقي الأنبياء، على نبينا وعليهم الصلاة والسلام؛ هذا ناهيك عما يرافق هذا الهدف الديني من تناسب واقعي لأحداث القصة، وتناسق فني في سياقاتها المتكررة والمتعددة .

كما نشير إلى أن من القصص القرآني ما لا يأتي إلا مرة واحدة، مثل قصة لقمان ، وقصة أصحاب الكهف؛ ومنه ما يأتي متكررًا حسب ما تدعو إليه الحاجة، وتقتضيه المصلحة، ولا يكون هذا المتكرر على وجه واحد، بل يختلف في الطول والقصر، واللين والشدة، وذكر بعض جوانب القصة في موضع دون آخر.

ومن الحكمة في هذا التكرار:

1 ـ بيان أهمية تلك القصة، لأن تكرارها يدل على العناية بها وتوكيدها؛ لتثبت في قلوب الناس.

2 ـ مراعاة الزمن وحال المخاطبين بها، ولهذا نجد الإِيجاز والشدة غالبًا فيما أتى من القصص في السور المكية، والعكس فيما أتى في السور المدنية.

3 ـ ظهور صدق القرآن الكريم، وأنه من عند الله تعالى، حيث تأتي هذه القصص على رغم تكرارها على أتم وجه، وأفضل تناسب، دون تناقض في المضمون، أو تعارض في سرد الحدث القصصي .
والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
شبهة حول التكرار في القرآن الكريم
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الخير في القرآن الكريم
» ذكر البعوض في القرآن
» حساب سرعة الضوء في القرآن الكريم
» التحديات التي تواجه اللغة العربية ودور القرآن الكريم
» شبهة حول ماء زمزم غير صالح للشرب !

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات طالب العلم الشرعي :: منتديات طالب العلم الشرعي :: منتدى التفسير ... قسم يختص بالتفسير وعلوم القرآن-
انتقل الى: