منتديات طالب العلم الشرعي
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 أحكام المصحف

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ملاعب الأسنة

ملاعب الأسنة


عدد الرسائل : 223
تاريخ التسجيل : 19/06/2007

أحكام المصحف Empty
مُساهمةموضوع: أحكام المصحف   أحكام المصحف Emptyالإثنين فبراير 11, 2008 4:35 pm

أحكام المصحف Storm941473930183793505rp0

المصحف (تعريفه والأحكام المتعلقة به )
الموسوعة الفقهية / الجزء الثامن والثلاثون
مصحف

التّعريف :
1 - المُصحف بضمّ الميم , ويجوز المِصحف بكسرها , وهي لغه تميمٍ , وهو لغةً : اسم لكلّ مجموعةٍ من الصحف المكتوبة ضمّت بين دفّتين , قال الأزهري : وإنّما سمّي المصحف مصحفاً لأنّه أُصْحِف , أي جعل جامعاً للصحف المكتوبة بين الدّفّتين .
والمصحف في الاصطلاح : اسم للمكتوب فيه كلام اللّه تعالى بين الدّفّتين .
ويصدق المصحف على ما كان حاوياً للقرآن كلّه , أو كان ممّا يسمى مصحفاً عرفاً ولو قليلاً كحزبٍ , على ما صرّح به القليوبي , وقال ابن حبيبٍ : يشمل ما كان مصحفاً جامعاً أو جزءاً أو ورقةً فيها بعض سورةٍ أو لوحاً أو كتفاً مكتوبةً .
الألفاظ ذات الصّلة :
القرآن :
1 - القرآن لغةً : القراءة , قال اللّه تعالى : { فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ } .
وهو في الاصطلاح : اسم لكلام اللّه تعالى المنزّل على رسوله محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم المتعبّد بتلاوته , المكتوب في المصاحف المنقول إلينا نقلاً متواتراً .
فالفرق بينه وبين المصحف : أنّ المصحف اسم للمكتوب من القرآن الكريم المجموع بين الدّفّتين والجلد , والقرآن اسم لكلام اللّه تعالى المكتوب فيه .
الأحكام المتعلّقة بالمصحف :
تتعلّق بالمصحف أحكام منها :

لمس الجنب والحائض للمصحف :
2 - ذهب الفقهاء إلى أنّه لا يجوز للمحدث حدثاً أكبر أن يمسّ المصحف , روي ذلك عن ابن عمر رضي اللّه عنهما , والقاسم بن محمّدٍ والحسن وقتادة وعطاءٍ والشّعبيّ , قال ابن قدامة : ولا نعلم مخالفاً في ذلك إلا داود .
وسواء في ذلك الجنابة والحيض والنّفاس , فلا يجوز لأحدٍ من أصحاب هذه الأحداث أن يمسّ المصحف حتّى يتطهّر , إلا ما يأتي استثناؤه .
واستدلوا بقوله تعالى : { لا يَمَسُّهُ إََِلا الْمُطَهَّرُونَ } .
وبما في كتاب النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم لعمرو بن حزمٍ رضي اللّه عنه إلى أهل اليمن , وهو قوله : « لا يمس القرآن إلا طاهر » , وقال ابن عمر : قال النّبي صلّى اللّه عليه وسلّم : « لا يمس القرآن إلا طاهر » .
لمس المحدث حدثاً أصغر للمصحف :
4 - ذهب عامّة الفقهاء إلى أنّه لا يجوز للمحدث حدثاً أصغر أن يمسّ المصحف , وجعله ابن قدامة ممّا لا يعلم فيه خلافاً عن غير داود .
وقال القرطبي : وقيل : يجوز مسه بغير وضوءٍ , وقال القليوبي من الشّافعيّة : وحكى ابن الصّلاح قولاً غريباً بعدم حرمة مسّه مطلقاً .
ولا يباح للمحدث مس المصحف إلا إذا أتمّ طهارته , فلو غسل بعض أعضاء الوضوء لم يجز مس المصحف به قبل أن يتمّ وضوءه , وفي قولٍ عند الحنفيّة : يجوز مسه بالعضو الّذي تمّ غسله .
مس الجنب والمحدث للمصحف بغير باطن اليد :
5 - يسوّي عامّة الفقهاء بين مسّ المصحف بباطن اليد , وبين مسّه بغيرها من الأعضاء , لأنّ كلّ شيءٍ لاقى شيئاً , فقد مسّه إلا الحكم وحمّاداً , فقد قالا : يجوز مسه بظاهر اليد وبغير اليد من الأعضاء , لأنّ آلة المسّ اليد .
وفي قولٍ عند الحنفيّة : يمنع مسه بأعضاء الطّهارة ولا يمنع مسه بغيرها , ونقل في الفتاوى الهنديّة عن الزّاهديّ أنّ المنع أصح .
مس جلد المصحف وما لا كتابة فيه من ورقه :
6 - ذهب جمهور الفقهاء من الحنفيّة والمالكيّة والشّافعيّة والحنابلة إلى أنّه يمتنع على غير المتطهّر مس جلد المصحف المتّصل , والحواشي الّتي لا كتابة فيها من أوراق المصحف , والبياض بين السطور , وكذا ما فيه من صحائف خاليةٍ من الكتابة بالكلّيّة , وذلك لأنّها تابعة للمكتوب وحريم له , وحريم الشّيء تبع له ويأخذ حكمه .
وذهب بعض الحنفيّة والشّافعيّة إلى جواز ذلك .
حمل غير المتطهّر للمصحف وتقليبه لأوراقه وكتابته له :
7 - ذهب الحنفيّة والحنابلة , وهو قول الحسن وعطاءٍ والشّعبيّ والقاسم والحكم وحمّادٍ , إلى أنّه لا بأس أن يحمل الجنب أو المحدث المصحف بعلاقة , أو مع حائلٍ غير تابعٍ له , لأنّه لا يكون ماساً له فلا يمنع منه كما لو حمله في متاعه , ولأنّ النّهي الوارد إنّما هو عن المسّ ولا مسّ هنا , قال الحنفيّة : فلو حمله بغلاف غير مخيطٍ به , أو في خريطةٍ - وهي الكيس - أو نحو ذلك , لم يكره .
وذهب المالكيّة والشّافعيّة والأوزاعي , وهو رواية خرّجها القاضي عن أحمد إلى أنّه لا يجوز ذلك , قال المالكيّة : ولا يحمله غير الطّاهر ولو على وسادةٍ أو نحوها , ككرسيّ المصحف , أو في غلافٍ أو بعلاقة , وكذا قال الشّافعيّة في الأصحّ عندهم : لا يجوز له حمل ومس خريطةٍ أو صندوقٍ فيهما مصحف , أي إن أعدّا له , ولا يمتنع مس أو حمل صندوقٍ أعدّ للأمتعة وفيه مصحف .
ولو قلّب غير المتطهّر أوراق المصحف بعود في يده جاز عند كلٍّ من الحنفيّة والحنابلة , ولم يجز عند المالكيّة على الرّاجح , وعند الشّافعيّة صحّح النّووي جواز ذلك لأنّه ليس بمسّ ولا حملٍ , قال : وبه قطع العراقيون من أصحاب الشّافعيّ .
وقال التّتائي من المالكيّة : لا يجب أن يكون الّذي يكتب القرآن على طهارةٍ لمشقّة الوضوء كلّ ساعةٍ .
ونقل عن محمّد بن الحسن أنّه كره أن يكتب المصحف المحدث ولو من غير مسٍّ باليد , لأنّه يكون ماساً بالقلم .
وفي تقليب القارئ غير المتطهّر أوراق المصحف بكمّه أو غيره من الثّياب الّتي هو لابسها عند الحنفيّة اختلاف .
قال ابن عابدين : والمنع أولى لأنّ الملبوس تابع للابسه وهو قول الشّافعيّة .
وقال الحنفيّة : لو وضع على يده منديلاً أو نحوه من حائلٍ ليس تابعاً للمصحف ولا هو من ملابس الماسّ فلا بأس به , ومنعه المالكيّة والشّافعيّة ولو استخدم لذلك وسادةً أو نحوها . على أنّه يباح لغير المتطهّر عند المانعين حمل المصحف ومسه للضّرورة , قال الشّافعيّة : يجوز للمحدث حمله لخوف حرقٍ أو غرقٍ أو تنجسٍ أو خيف وقوعه في يد كافرٍ أو خيف ضياعه أو سرقته , ويجب عند إرادة حمله التّيمم أي حيث لا يجد الماء , وصرّح بمثل ذلك المالكيّة .
من يستثنى من تحريم مسّ المصحف على غير طهارةٍ :أ - الصّغير :
8 - ذهب الحنفيّة وهو قول عند المالكيّة إلى أنّه يجوز للصّغير غير المتطهّر أن يمسّ المصحف , قالوا : لما في منع الصّبيان من مسّه إلا بالطّهارة من الحرج , لمشقّة استمرارهم على الطّهارة , ولأنّه لو منعوا من ذلك لأدّى إلى تنفيرهم من حفظ القرآن وتعلمه , وتعلمه في حال الصّغر أرسخ وأثبت .
قال الحنفيّة : ولا بأس للكبير المتطهّر أن يدفع المصحف إلى صبيٍّ .
وذهب المالكيّة في قولٍ آخر عندهم إلى أنّ الصّغير لا يمس المصحف إلا بالطّهارة كالبالغ . وقال الشّافعيّة : لا يمنع الصّبي المميّز المحدث ولو حدثاً أكبر من مسّ ولا من حمل لوحٍ ولا مصحفٍ يتعلّم منه , أي لا يجب منعه من ذلك لحاجة تعلمه ومشقّة استمراره متطهّراً , بل يستحب .
قالوا : وذلك في الحمل المتعلّق بالدّراسة فإن لم يكن لغرض , أو كان لغرض آخر منع منه جزماً .
أمّا الصّبي غير المميّز فيحرم تمكينه من ذلك لئلا ينتهكه .
وذهب الحنابلة في المذهب إلى أنّه لا يجوز للصّبيّ مس المصحف , أي لا يجوز لوليّه تمكينه من مسّه , وذكر القاضي روايةً بالجواز وهو وجه في الرّعاية وغيرها .
وأمّا الألواح المكتوب فيها القرآن فلا يجوز على الصّحيح من المذهب عندهم مس الصّبيّ المكتوب في الألواح , وعنه يجوز , وأطلقهما في التّلخيص .
وأمّا مس الصّبيّ اللّوح أو حمله فيجوز على الصّحيح من المذهب .
ب - المتعلّم والمعلّم ونحوهما :
9 - يرى المالكيّة أنّه يجوز للمرأة الحائض الّتي تتعلّم القرآن , أو تعلّمه حال التّعليم مسّ المصحف سواء كان كاملاً أو جزءاً منه أو اللّوح الّذي كتب فيه القرآن , قال بعضهم : وليس ذلك للجنب , لأنّ رفع حدثه بيده ولا يشق , كالوضوء , بخلاف الحائض فإنّ رفع حدثها ليس بيدها , لكنّ المعتمد عندهم أنّ الجنب رجلاً كان أو امرأةً , صغيراً كان أو بالغاً يجوز له المس والحمل حال التّعلم والتّعليم للمشقّة .
وسواء كانت الحاجة إلى المصحف للمطالعة , أو كانت للتّذكر بنيّة الحفظ .
مس المحدث كتب التّفسير ونحوها ممّا فيه قرآن :
10 - اختلف الفقهاء في حكم مسّ المحدث كتب التّفسير , فذهب بعضهم إلى حرمة ذلك , وذهب غيرهم إلى الجواز .
والتّفصيل في مصطلح : ( مس ف 7 ) .
مس غير المتطهّر المصحف المكتوب بحروف أعجميّةٍ وكتب ترجمة معاني القرآن:
11 - المصحف إن كتب على لفظه العربيّ بحروف غير عربيّةٍ فهو مصحف وله أحكام المصحف , وبهذا صرّح الحنفيّة ففي الفتاوى الهنديّة وتنوير الأبصار : يكره عند أبي حنيفة لغير المتطهّر مس المصحف ولو مكتوباً بالفارسيّة , وكذا عند الصّاحبين على الصّحيح . وعند الشّافعيّة مثل ذلك , قال القليوبي : تجوز كتابة المصحف بغير العربيّة لا قراءته بها , ولها حكم المصحف في المسّ والحمل .
أمّا ترجمة معاني القرآن باللغات الأعجميّة فليست قرآناً , بل هي نوع من التّفسير على ما صرّج به المالكيّة , وعليه فلا بأس أن يمسّها المحدث , عند من لا يمنع مسّ المحدث لكتب التّفسير .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ملاعب الأسنة

ملاعب الأسنة


عدد الرسائل : 223
تاريخ التسجيل : 19/06/2007

أحكام المصحف Empty
مُساهمةموضوع: رد: أحكام المصحف   أحكام المصحف Emptyالإثنين فبراير 11, 2008 4:36 pm

يتبع : من الموسوعة الفقهية
مصحف

صيانة المصحف عن الاتّصال بالنّجاسات :
12 - يحرم تنجيس المصحف , فمن ألقى المصحف في النّجاسات أو القاذورات متعمّداً مختاراً يحكم بردّته , قال الشّافعيّة : يحرم وضع أوراق المصحف على نجسٍ , ومسها بشيء نجسٍ ولو عضواً من أعضائه , ويجب غسل المصحف إن تنجّس ولو أدّى غسله إلى تلفه , ولو كان لمحجور عليه , ويحرم كتابته بشيء نجسٍ , وصرّح بمثل ذلك الحنابلة . وذكر الشّافعيّة والحنابلة أنّه يحرم مس المصحف بعضو نجسٍ قياساً على مسّه مع الحدث , أمّا إن كانت النّجاسة على عضوٍ ومسّه بعصو آخر طاهرٍ فلا يحرم , وذكر الحنابلة أيضاً أنّه يحرم كتابة القرآن بحيث يتنجّس ببول حيوانٍ أو نحو ذلك .
ويحرم كتابة المصحف في ورقٍ نجسٍ أو بمداد نجسٍ .
دخول الخلاء بمصحف :
13 - ذهب الحنفيّة والشّافعيّة إلى أنّه يكره - ولا يحرم - أن يدخل الخلاء ومعه خاتم عليه اسم اللّه تعالى أو شيء من القرآن تعظيماً له , قال القليوبي : هو مكروه وإن حرم من حيث الحدث , وهو ظاهر كلام الحنابلة , لما ورد أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم : « كان إذا دخل الخلاء وضع خاتمه » , قال في شرح المنتهى : وجزم بعضهم بتحريمه في المصحف , وقال صاحب الإنصاف : لا شكّ في تحريمه قطعاً من غير حاجةٍ .
وذهب المالكيّة إلى أنّه يحرم دخول الخلاء سواء أكان كنيفاً أو غيره بمصحف , كاملٍ أو بعض مصحفٍ , قالوا : لكن إن دخله بما فيه بعض من الآيات لا بال له - أي من حيث الكثرة - فالحكم الكراهة لا التّحريم .
قالوا : وإن خاف ضياعه جاز أن يدخل به معه بشرط أن يكون في ساترٍ يمنع وصول الرّائحة إليه , ولا يكفي وضعه في جيبه , لأنّه ظرف متّسع .
جعل المصحف في قبلة الصّلاة :
14 - يكره عند المالكيّة والحنابلة جعل المصحف في قبلة المصلّي لأنّه يلهيه , قال أحمد : كانوا يكرهون أن يجعلوا في القبلة شيئاً حتّى المصحف , لكنّ المكروه عند المالكيّة تعمد جعله في القبلة ليصلّي إليه , ولا يكره إن لم يتعمّده , كما لو كان ذاك موضعه الّذي يعلّق فيه عادةً .
ولا يكره ذلك عند الحنفيّة إن لم يكن جعله ليقرأ منه , قالوا : لأنّ الكراهة فيما يكره استقباله في الصّلاة باعتبار التّشبه بعبادها , والمصحف لم يعبده أحد , واستقبال أهل الكتاب مصاحفهم للقراءة منها لا لعبادتها , ومن هنا كره أبو حنيفة القراءة في الصّلاة من المصحف .
القراءة من المصحف في الصّلاة وغيرها :
15 - ذهب أبو حنيفة إلى أنّه ليس للمصلّي أن يقرأ من المصحف , فإن قرأ بالنّظر في المصحف فسدت صلاته مطلقاً , أي قليلاً كان ما قرأه أو كثيراً , إماماً كان أو منفرداً , وكذا لو كان ممّن لا يمكنه القراءة إلا منه لكونه غير حافظٍ .
وقد اختلف الحنفيّة في تعليل قوله , فقيل : لأنّ حمل المصحف والنّظر فيه وتقليب الأوراق عمل كثير , وقيل : لأنّه تلقّن من المصحف , فصار كما إذا تلقّن من غيره , وصحّح هذا الوجه في الكافي تبعاً لتصحيح السّرخسيّ , وعليه فلو لم يكن قادراً على القراءة إلا من المصحف فصلّى بلا قراءةٍ فإنّها تجزئه .
وذهب الصّاحبان إلى تجويز القراءة للمصلّي من المصحف مع الكراهة لما في ذلك من التّشبه بأهل الكتاب .
وذهب المالكيّة إلى أنّه يكره للمصلّي القراءة من المصحف في فرضٍ أو نفلٍ لكثرة الشّغل بذلك , لكنّ كراهته عندهم في النّفل إن قرأ في أثنائه , ولا يكره إن قرأ في أوّله , لأنّه يغتفر في النّفل ما لا يغتفر في الفرض , قال ابن قدامة : ورويت الكراهية في ذلك عن ابن المسيّب والحسن ومجاهدٍ والرّبيع .
وأجاز الحنابلة القراءة في المصحف في قيام رمضان إن لم يكن حافظاً , لما ورد عن عائشة رضي اللّه عنها في مولىً لها اسمه ذكوان كان يؤمها من المصحف , ويكره في الفرض على الإطلاق , لأنّ العادة أنّه لا يحتاج إليه فيه , ويكره للحافظ حتّى في قيام رمضان , لأنّه يشغل عن الخشوع وعن النّظر إلى موضع السجود .
وذهب الشّافعيّة إلى أنّ المصلّي لو قرأ في مصحفٍ ولو قلّب أوراقه أحياناً لم تبطل صلاته , لأنّ ذلك يسير أو غير متوالٍ لا يشعر بالإعراض .
أمّا في غير الصّلاة فإنّ القراءة من المصحف مستحبّة لاشتغال البصر بالعبادة , وقد ذهب بعض الفقهاء إلى تفضيل القراءة من المصحف على القراءة عن ظهر قلبٍ , لأنّه يجمع مع القراءة النّظر في المصحف , وهو عبادة أخرى , لكن قال النّووي : إن زاد خشوعه وحضور قلبه في القراءة عن ظهر قلبٍ فهو أفضل في حقّه .
اتّباع رسم المصحف الإمام :
16 - ذهب جمهور فقهاء الأمّة إلى وجوب الاقتداء في رسم المصاحف برسم مصحف عثمان رضي اللّه عنه , لكونه قد أجمع الصّحابة عليه .
سئل الإمام مالك : أرأيت من استكتب مصحفاً اليوم , أترى أن يكتب على ما أحدث النّاس من الهجاء اليوم ؟ فقال : لا أرى ذلك , ولكن يكتب على الكِتْبَة الأولى , وروي أنّه سئل عن الحروف الّتي تكون في القرآن مثل الواو والألف , أترى أن تغيّر من المصحف إذا وجدت فيه كذلك ؟ فقال : لا , قال الدّانيّ : يعني الواو والألف الزّائدتين في الرّسم المعدومتين في اللّفظ ، قال : ولا مخالف لمالك في ذلك من علماء الأمّة , وقال أحمد : تحرم مخالفة مصحف الإمام في واوٍ أو ياءٍ أو ألفٍ أو غير ذلك .
وقال البيهقيّ في شعب الإيمان : من كتب مصحفاً فينبغي أن يحافظ على الهجاء الّذي كتبوا به هذه المصاحف ولا يخالفهم فيه , ولا يغيّر ممّا كتبوا شيئاً , فإنّهم كانوا أكثر علماً وأصدق لساناً وأعظم أمانةً منّا , فلا ينبغي أن نظنّ بأنفسنا استدراكاً عليهم .
ومن هنا صرّح الحنابلة وغيرهم أنّه لا ينبغي أن يقرأ في الصّلاة بما يخرج عن مصحف عثمان كقراءة ابن مسعودٍ رضي اللّه عنه وغيرها , لأنّ القرآن ثبت بالتّواتر , وهذه لم يثبت التّواتر بها , فلا يثبت كونها قرآناً , واختلفوا في صحّة صلاته إذا قرأ بشيء منها ممّا صحّت به الرّواية , كبعض ما روي من قراءة ابن مسعودٍ رضي اللّه عنه .
وصحّح المحقّقون من أئمّة القراءة بأنّ القراءة الصّحيحة لا بدّ أن توافق رسم مصحف عثمان رضي اللّه عنه ولو احتمالاً .
والخلاف في هذه المسألة منقول عن عزّ الدّين بن عبد السّلام فقد نقل عنه الزّركشي قوله : لا تجوز كتابة المصحف الآن على الرسوم الأولى باصطلاح الأئمّة لئلا يوقع في تغيير الجهّال .
وتعقّبه الزّركشي بقوله : لا ينبغي إجراء هذا على إطلاقه لئلا يؤدّي إلى دروس العلم , وشيء أحكمته القدماء لا يترك مراعاةً لجهل الجاهلين , ولن تخلو الأرض من قائمٍ للّه بالحجّة .
ونقل عن أبي بكرٍ الباقلانيّ مثل قول ابن عبد السّلام .
آداب كتابة المصحف :
17 - استحبّ العلماء كتابة المصاحف , وتحسين كتابتها وتجويدها , والتّأنق فيها . واستحبوا تبيين الحروف وإيضاحها وتفخيمها , والتّفريج بين السطور , وتحقيق الخطّ وكان ابن سيرين يكره أن تمدّ الباء من بسم اللّه الرّحمن الرّحيم إلى الميم حتّى تكتب السّين , قال : لأنّ في ذلك نقصاً .
ونقلت : كراهة كتابة المصحف بخطّ دقيقٍ , وتصغير حجم المصحف عن عمر بن الخطّاب وعليّ بن أبي طالبٍ رضي اللّه عنهما .
ويحرم أن يكتب المصحف بمداد نجسٍ أو في ورقٍ أو شيءٍ نجسٍ .
ونقل أبو عبيدٍ بسنده عن ابن عبّاسٍ وأبي ذرٍّ وأبي الدّرداء رضي اللّه عنهم أنّهم كرهوا كتابته بالذّهب , ونقل السيوطيّ عن الغزاليّ أنّه استحسن كتابته بالذّهب , وأجاز البرزليّ والعدويّ والأجهوريّ من المالكيّة ذلك , والمشهور عند المالكيّة كراهة ذلك لأنّه يشغل القارئ عن التّدبر .
إصلاح ما قد يقع في كتابة بعض المصاحف من الخطأ :
18 - ينص الحنفيّة والشّافعيّة على أنّ إصلاح ما قد يقع في بعض المصاحف من الخطأ في كتابتها واجب , وإن ترك إصلاحه أثم , حتّى لو كان المصحف ليس له بل كان عاريّةً عنده , فعليه إصلاحه ولو لم يعلم رضا صاحبه بذلك , وقال ابن حجرٍ : لا يجوز ذلك إلا برضا مالكه , وقال القليوبي : محل الجواز إذا كان بخطّ مناسبٍ وإلا فلا .
النّقط والشّكل ونحو ذلك في المصاحف :
19 - نقل عن بعض السّلف من الصّحابة والتّابعين كراهة إدخال شيءٍ من النّقط ونحوه , وأمروا بتجريد المصحف من ذلك , فعن ابن مسعودٍ رضي اللّه عنه أنّه قال : جرّدوا المصحف ولا تخلطوه بشيء , وكره النّخعيّ نقط المصاحف , وكره ابن سيرين النّقط والفواتح والخواتم .
وكان المصحف العثماني خالياً من النّقط حتّى إنّ الباء والتّاء والثاء مثلاً كانت بصورة واحدةٍ لا تتميّز في الكتابة , وإنّما يعرفها القارئ بالمعنى .
والنّقط كان أوّلاً لبيان إعراب الحروف , أي حركاتها , وهو الّذي عمله أبو الأسود الدؤليّ , ثمّ استعملت علامات الشّكل الّتي اخترعها الخليل بن أحمد , واستخدم النّقط لتمييز الحروف المتشابهة بعضها عن بعضٍ كالباء والتّاء والثّاء .
وورد عن بعض التّابعين وتابعيهم التّرخيص في ذلك , قال ربيعة بن أبي عبد الرّحمن : لا بأس بشكله ، وقال مالك : لا بأس بالنّقط في المصاحف الّتي تتعلّم فيها العلماء , أمّا الأمّهات فلا .
وقال ابن مجاهدٍ والدّانيّ : لا يُشْكَل إلا ما يُشْكِل .
وقال النّووي : نقط المصحف وشكله مستحب لأنّه صيانة له من اللّحن والتّحريف , قال : وأمّا كراهة الشّعبيّ والنّخعيّ النّقط فإنّما كرهاه في ذلك الزّمان خوفاً من التّغيير فيه , وقد أمن من ذلك اليوم فلا منع .
وعلى هذا استقرّ العمل منذ أمدٍ طويلٍ في المصاحف , وأمّا في غيرها فالعمل على قول ابن مجاهدٍ والدّانيّ .
التّعشير والتّحزيب والعلامات الأخرى في المصاحف :
20 - التّعشير : أن يجعل علامةً عند انتهاء كلّ عشر آياتٍ , والتّخميس : أن يجعل علامةً عند انتهاء كلّ خمسٍ , والتّحزيب أن يجعل علامةً عند مبتدأ كلّ حزبٍ .
ومن أوّل العلامات الّتي أدخلت في المصاحف جعل ثلاث نقاطٍ عند رءوس الآي , قال يحيى ابن كثيرٍ : ما كانوا يعرفون شيئاً ممّا أحدث في المصاحف إلا النقط الثّلاث عند رءوس الآي , وقال غيره : أوّل ما أحدثوا النقط عند آخر الآي , ثمّ الفواتح والخواتم , أي فواتح السور وخواتمها , وقد أنكره بعض السّلف ( انظر : تعشير ف 3 ) , ورخّص فيه غيرهم واستقرّ العمل على إدخال تلك العلامات لنفعها لقرّاء القرآن , وأدخلت أيضاً علامات السّجدات والوقوف وأسماء السور وعدد الأجزاء وعدد الآيات وغير ذلك , لكن بوضع يميّزها عمّا هو كلام اللّه تعالى .
أخذ الأجر على كتابة المصحف :
21 - اختلف النّقل عن السّلف في أخذ الأجرة على كتابة المصحف , فقد أخرج ابن أبي داود في كتاب المصاحف عن ابن عبّاسٍ رضي اللّه عنهما أنّه كره أخذ الأجرة على كتابة المصاحف , ومثله عن أيوب السّختيانيّ ومحمّد بن سيرين .
وأخرج عن سعيد بن جبيرٍ وابن المسيّب والحسن أنّهم قالوا : لا بأس بذلك .
وإلى هذا الأخير ذهب الحنفيّة , ففي الفتاوى الهنديّة : لو استأجر رجلاً ليكتب له مصحفاً وبيّن الخطّ جاز .
تحلية المصاحف :
22 - ذهب الحنفيّة والمالكيّة إلى جواز تحلية المصاحف بالذّهب والفضّة سواء كانت للرّجال أو النّساء لما في ذلك من تعظيم القرآن , لكن قال المالكيّة : إنّ الّذي يجوز تحليته جلده من خارجٍ لا كتابته بالذّهب , وأجازه بعضهم , وأجازوا أيضاً كتابته في الحرير وتحليته به .
وذهب الشّافعيّة في المعتمد عندهم إلى جواز تحلية المصحف بالفضّة مطلقاً , وبالذّهب للنّساء والصّبيان , وتحريمه بالذّهب في مصاحف الرّجال .
وذهب الحنابلة إلى كراهة تحليته بشيء من النّقدين , وهو قول أبي يوسف من الحنفيّة . وذهب الشّافعيّة في قولٍ إلى تحريم تحلية القرآن بالذّهب , وقال ابن الزّاغونيّ من الحنابلة : يحرم سواء حلاه بذهب أو فضّةٍ .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ملاعب الأسنة

ملاعب الأسنة


عدد الرسائل : 223
تاريخ التسجيل : 19/06/2007

أحكام المصحف Empty
مُساهمةموضوع: رد: أحكام المصحف   أحكام المصحف Emptyالإثنين فبراير 11, 2008 4:36 pm

يتبع : من الموسوعة الفقهية
مصحف

بيع المصحف وشراؤه :
23 - اختلف العلماء سلفاً وخلفاً في بيع المصاحف وشرائها , فذهب البعض إلى كراهة بيعها وشرائها تعظيماً لها وتكريماً , لما في تداولها بالبيع والشّراء من الابتذال , وهو قول المالكيّة وقول للشّافعيّة , ورويت كراهية بيعها عن ابن عمر وابن عبّاسٍ رضي اللّه عنهم وسعيد بن جبيرٍ وإسحاق والنّخعيّ , قال ابن عمر : وددت أنّ الأيدي تقطع في بيعها , وورد عن عبد اللّه بن شقيقٍ أنّه قال : كان أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يشدّدون في بيع المصاحف .
وذهب بعض السّلف إلى إجازة بيعها , منهم محمّد بن الحنفيّة , والحسن , وعكرمة , والشّعبي , لأنّ البيع يقع على الورق والجلد وبدل عمل يد الكاتب , وبيع ذلك مباح , قال الشّعبي : لا بأس ببيع المصحف , إنّما يبيع الورق وعمل يديه .
وفرّق الشّافعيّة في الأصحّ - ونقلوه عن نصّ الشّافعيّ - والحنابلة في معتمدهم بين البيع والشّراء , فكرهوا البيع - وفي روايةٍ عند الحنابلة يحرم ويصح - وأجازوا الشّراء والاستبدال , وروي عن ابن عبّاسٍ قال : اشتر المصاحف ولا تبعها , ووجه ذلك أنّ في البيع ابتذالاً بخلاف الشّراء , ففيه استنقاذ المصحف وبذل للمال في سبيل اقتنائه وذلك إكرام , قالوا : ولا يلزم من كراهة البيع كراهة الشّراء , كشراء دور مكّة ورباعها , وشراء أرض السّواد , لا يكره , ويكره للبائع .
إجارة المصحف :
24 - ذهب الحنفيّة والحنابلة وابن حبيبٍ من المالكيّة إلى عدم جواز إجارة المصحف .
أمّا الحنفيّة فعلّة المنع عندهم أنّه ليس في القراءة في المصحف أكثر من النّظر إليه , ولا تجوز الإجارة لمثل ذلك , كما لا يجوز أن يستأجر سقفاً لينظر إلى ما فيه من النقوش أو التّصاوير , أو يستأجر كرماً لينظر فيه للاستئناس من غير أن يدخله , ومن أجل ذلك لا تجوز عندهم أيضاً إجارة سائر الكتب .
وأمّا الحنابلة في الوجه المعتمد عندهم فقد بنوا تحريم إجارته على تحريم بيعه , قالوا : ولما في إجارته من الابتذال له .
وأمّا ابن حبيبٍ فقد منع إجارته على الرّغم من أنّه يرى جواز بيعه , لأنّ الأجرة تكون كالثّمن للقرآن , أمّا بيعه فهو ثمن للورق والجلد والخطّ .
وذهب المالكيّة إلى جواز إجارة المصحف للقراءة فيه , قالوا : ما لم يقصد بإجارته التّجارة , وإلا كرهت .
ووجه الجواز عندهم أنّه نفع مباح تجوز الإعارة فيه , فجازت فيه الإجارة كسائر الكتب الّتي يجوز بيعها .
رهن المصحف :
25 - القاعدة : أنّ ما جاز بيعه جاز رهنه , وما لا يجوز بيعه لا يجوز رهنه , ولذا يصح رهن المصحف عند كلّ من جوّز بيعه , لأنّه يمكن بيعه واستيفاء الدّين من ثمنه , وأمّا من لم يجوّز بيعه فلا يجوز عنده رهنه لعدم الفائدة في ذلك , وهو المعتمد عند الحنابلة نصّ عليه أحمد .
وقف المصحف :
26 - يجوز وقف المصاحف للقراءة فيها عند محمّد بن الحسن , استثناءً من عدم جواز وقف المنقولات لجريان التّعارف بوقف المصاحف , وإلى قوله هذا ذهب عامّة مشايخ الحنفيّة وعليه الفتوى عندهم , وهو مقتضى قول غيرهم بجواز وقف المنقولات .
وذهب أبو حنيفة إلى عدم جواز وقفها كسائر المنقولات غير آلات الجهاد .
ثمّ إن وقفه على مسجدٍ معيّنٍ يجوز , ويقرأ به في هذا المسجد خاصّةً , نصّ عليه الحنفيّة , وفي قولٍ عندهم : لا يكون مقصوراً على هذا المسجد بعينه .
إرث المصحف :
27 - يورث المصحف على القول المفتى به عند الحنفيّة وهو مقتضى قواعد غيرهم من أنّ كلّ مملوكٍ يورث عن مالكه .
وفي قولٍ عندً الحنفيّة : لا يورث , وهو قول النّخعيّ , فلو كان للميّت ولدان أحدهما قارئ والآخر غير قارئٍ , يعطى المصحف للقارئ .
القطع بسرقة المصحف :
28 - ذهب الحنفيّة , وهو قول أبي بكرٍ والقاضي أبي يعلى من الحنابلة إلى أنّ سارق المصحف لا يقام عليه الحد , قال ابن عابدين : لأنّ آخذه يتأوّل في أخذه القراءة والنّظر فيه , ولأنّه لا ماليّة له لاعتبار المكتوب فيه وهو كلام اللّه تعالى , وهو لا يجوز أخذ العوض عنه , وإنّما يقتنى المصحف لأجله , لا لأجل أوراقه أو جلده .
ويسري ذلك عند الحنفيّة على ما على المصحف من الحلية لكونه في حكم التّابع له , وللتّابع حكم المتبوع , كمن سرق صبياً عليه ثياب قيمتها أكثر من نصابٍ فلا يقطع بها , لأنّها تابعة للصّبيّ ولا قطع في سرقته , وفي الفتاوى الهنديّة نقل عن السّراج الوهّاج : لا قطع في سرقة المصحف ولو كان عليه حلية تساوي ألف دينارٍ .
واختار أبو الخطّاب , وهو ما استظهره ابن قدامة من كلام الإمام أحمد إلى أنّه يقطع بسرقة المصحف , لعموم آية السّرقة , ولأنّه متقوّم تبلغ قيمته نصاباً فوجب القطع بسرقته , ككتب الفقه والتّاريخ وغيرها .
منع الكافر من تملك المصحف والتّصرف فيه :
29 - لا يجوز أن يشتري الكافر مصحفاً , لما في ذلك من الإهانة فإن اشتراه فالشّراء فاسد , واحتجّ الفقهاء لذلك بحديث ابن عمر : « نهى النّبي صلّى اللّه عليه وسلّم أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدوّ مخافة أن تناله أيديهم » .
والشّافعيّة يرون حرمة بيع المصحف للكافر , لكن إن باعه له ففي صحّة البيع عندهم وجهان :
أظهرهما : لا يصح البيع , والثّاني : يصح ويؤمر في الحال بإزالة ملكه عنه .
قال القليوبي : ولو وكّل الكافر مسلماً بشراء مصحفٍ لم يصحّ لأنّ الملك له يقع , ولو وكّل المسلم كافراً بالشّراء صحّ لأنّه يقع للمسلم , وكذا لو قارض مسلم كافراً فاشترى الكافر مصحفاً للقراض صحّ , لأنّه للقراض , ولا ملك للمضارب فيه .
ولا تصح هبة الكافر مصحفاً ولا الوصيّة له به .
ولا يصح وقف المصحف على كافرٍ .
ويحرم أن يعطي كافراً مصحفاً عاريّةً ليقرأ فيه ويردّه , ولا تصح الإعارة , وقال الرّملي : تصح الإعارة فيه مع الحرمة .
مس الكافر المصحف وعمله في نسخ المصاحف وتصنيعها :
30 - يمنع الكافر من مسّ المصحف , كما يمنع منه المسلم الجنب , بل الكافر أولى بالمنع , ويمنع منه مطلقاً , أي سواء اغتسل أو لم يغتسل , وفي الفتاوى الهنديّة : أنّ أبا حنيفة قال : إن اغتسل جاز أن يمسّه , وحكي في البحر عن أبي حنيفة وأبى يوسف المنع مطلقاً .
ويمنع الكافر من العمل في تصنيع المصاحف , ومن ذلك ما قال القليوبي : يمنع الكافر من تجليد المصحف وتذهيبه , لكن قال البهوتيّ : يجوز أن ينسخ الكافر المصاحف دون مسٍّ أو حملٍ .
السّفر بالقرآن إلى أرض العدوّ :
31 - لا يجوز أن يخرج المسلم بالمصحف إلى بلد العدوّ الكافر , سواء كان في جهادٍ أو غيره , لئلا يقع في أيديهم فيهينوه أو يمسوه وهم على كفرهم , وإلى هذا ذهب الحنفيّة والمالكيّة والشّافعيّة والحنابلة , لحديث ابن عمر رضي اللّه عنهما مرفوعاً : « لا تسافروا بالقرآن إلى أرض العدوّ مخافة أن تناله أيديهم » .
قال ابن عبد البرّ من المالكيّة : أجمع الفقهاء أن لا يسافر بالمصحف في السّرايا والعسكر الضّعيف المخوف عليه .
أمّا إن كان يؤمن على المصحف في ذلك السّفر من نيل العدوّ له فقد اختلف الفقهاء في ذلك , فأجاز الحنفيّة السّفر به , وذكروا من ذلك صورتين :
الأولى : أن يكون الخارج به في جيشٍ كبيرٍ يؤمن عليه فلا كراهة حينئذٍ .
الثّانية : إذا دخل إليهم مسلم بأمان , وكانوا يوفون بالعهد , جاز أن يحمل المصحف معه . وقال المالكيّة : يحرم أيضاً لنصّ الحديث ولو في جيشٍ آمنٍ , لأنّه قد يسقط منهم ولا يشعرون به فيأخذه العدو فتناله الإهانة , وقال المالكيّة أيضاً : ولو أنّ العدوّ طلب أن يرسل إليهم مصحف ليتدبّروه , حرم إرساله إليهم خشية إهانتهم له , فلو أرسل إليهم كتاب فيه آية أو نحوها لم يحرم ذلك , وقد أرسل النّبي صلّى اللّه عليه وسلّم إلى هرقل كتاباً في ضمنه الآية : { قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً } الآية .
استثناء المصحف من جزاء الغالّ بحرق متاعه :
32 - إن غلّ أحد الغانمين في الجهاد شيئاً من الغنيمة فقد ذهب الأوزاعي والحنابلة - خلافاً للجمهور - إلى أنّه يحرق متاعه , لكن لا يحرق المصحف , لما روى صالح بن محمّد بن زائدة , قال : دخلت مع مسلمة بن عبد الملك أرض الروم , فأتي برجل قد غلّ , فسأل سالماً عنه فقال : سمعت أبي يحدّث عن عمر بن الخطّاب رضي اللّه عنه عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال : « إذا وجدتم الرّجل قد غلّ فأحرقوا متاعه واضربوه » , قال : فوجدنا في متاعه مصحفاً , فسأل سالماً عنه فقال : بعه وتصدّق بثمنه .
الرّدّة بإهانة المصحف :
33 - إذا أهان المسلم مصحفاً متعمّداً مختاراً يكون مرتداً ويقام عليه حد الرّدّة .
وقد اتّفق الفقهاء على ذلك , فمن صور ذلك ما قال الحنفيّة : لو وطئ برجله المصحف استخفافاً وإهانةً يكون كافراً , وكذا من أمر بوطئه يكون كافراً .
ولو ألقى مصحفاً في قاذورةٍ متعمّداً قاصداً الإهانة فقد ارتدّ عند الجميع , قال الشّافعيّة : وكذا لو مسّه بالقاذورة ولو كانت طاهرةً كالبصاق والمخاط .
فإن كان ذلك عن سهوٍ أو غفلةٍ أو في نومٍ لم يكفر .
وكذا إن كان مكرهاً أو مضطراً ففعله لا يكفر .
الحلف بالمصحف :
34 - يرى الحنفيّة أنّ الحلف بالمصحف ليس بيمين لأنّه الورق والجلد وليس صفةً للّه تعالى ولا اسماً له , وقد قال النّبي صلّى اللّه عليه وسلّم : « من كان حالفاً فلا يحلف إلا باللّه » .
وعلى هذا لو حلف به لا تنعقد يمينه وليس فيها كفّارة إن لم يف , وقال ابن عابدين : إن تعارف النّاس الحلف بالمصحف ورغب العوام في الحلف به لم يكن يميناً أيضاً , وإلا لكان الحلف بالنّبيّ والكعبة يميناً لأنّه متعارف , وكذا بحياة رأسك ونحوه , ولم يقل بذلك أحد , قال ابن عابدين : لكن لو أقسم بما في هذا المصحف من كلام اللّه تعالى يكون يميناً .
وذهب المالكيّة والشّافعيّة والحنابلة إلى أنّ الحلف بالمصحف يمين .
قال النّووي في الرّوضة : يندب وضع المصحف في حجر الحالف به وأن يقرأ عليه : { إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلاً } .
وقال ابن قدامة : ولم يكره ذلك إمامنا وإسحاق لأنّ الحالف بالمصحف إنّما قصد الحلف بالمكتوب فيه وهو كلام اللّه تعالى , ونقل عن قتادة أنّه كان يحلف بالمصحف .
آداب تناول المصحف وتكريمه وحفظه :
35 - اختلف العلماء في تقبيل المصحف فقيل : هو جائز , وقيل : يستحب تقبيله تكريماً له , وقيل : هو بدعة لم تعهد عن السّلف , وانظر : ( تقبيل ف 17 ) .
وأمّا القيام للمصحف فقال النّووي وصوّبه السيوطيّ : يستحب القيام للمصحف إذا قدم به عليه , لما فيه من التّعظيم وعدم التّهاون به , ولأنّ القيام مستحب للفضلاء من العلماء والأخيار , فالمصحف أولى , وقال الشّيخ عز الدّين بن عبد السّلام : هو بدعة لم تعهد في الصّدر الأوّل .
وذكر العلماء أنواعاً من تكريم المصحف :
فمن ذلك تطييبه , وجعله على كرسيٍّ لئلا يوضع بالأرض , وإن كان معه كتب أخرى يوضع فوقها ولا يوضع تحت شيءٍ منها .
وأمّا توسد المصحف فقال الشّافعيّة والحنابلة : يحرم توسد المصحف لأنّ ذلك ابتذال له , وأضاف الشّافعيّة : ولو خاف سرقته أي فالحكم كذلك .
وقال الحنفيّة : يكره وضع المصحف تحت رأسه إلا لحفظه من سارقٍ وغيره .
وأمّا مد رجليه إلى جهة المصحف فقال الحنفيّة - كما ذكر ابن عابدين - يكره تحريماً مد رجليه أو رجلٍ واحدةٍ , سواء كان من البالغ أو الصّبيّ عمداً ومن غير عذرٍ .
وفي الفتاوى الهنديّة : مد الرّجلين إلى جانب المصحف إن لم يكن بحذائه لا يكره , وكذلك لو كان المصحف معلّقاً في الوتد .
وقال الشّافعيّة : يجوز مد رجله إلى جهة المصحف لا بقصد الإهانة في ذلك .
وقال الحنابلة : يكره مد الرّجلين إلى جهة المصحف .
ما يصنع بالمصحف إذا بلي :
36 - ذهب الحنفيّة إلى أنّ المصحف إذا بلي وصار بحال لا يقرأ فيه يجعل في خرقةٍ طاهرةٍ ويدفن في محلٍّ غير ممتهنٍ لا يوطأ , كما أنّ المسلم إذا مات يدفن إكراماً له , وقال الحنفيّة : ولا يهال عليه التراب إلا إذا جعل فوقه سقف بحيث لا يصل إليه التراب .
وقالوا : ولا يجوز إحراقه بالنّار , ونقل ذلك عن إبراهيم النّخعيّ , ووافقهم القاضي حسين من الشّافعيّة , وقال النّووي : يكره ذلك .
وقال المالكيّة : يجوز إحراقه , بل ربّما وجب , وذلك إكرام له , وصيانة عن الوطء بالأقدام , قال القرطبي من المالكيّة : قد فعله عثمان رضي اللّه عنه حين كتب المصاحف وبعث بها إلى الأمصار , فقد أمر بما سواها من صحيفةٍ أو مصحفٍ أن يحرق , ووافقه الصّحابة رضوان اللّه عليهم على ذلك .
وقال الحنابلة : لو بلي المصحف أو اندرس دفن نصاً , ذكر أحمد أنّ أبا الجوزاء بلي له مصحف فحفر له في مسجده فدفنه , وفي البخاريّ أنّ الصّحابة حرّقته لمّا جمعوه , وقال ابن الجوزيّ ذلك لتعظيمه وصيانته , وذكر القاضي أنّ أبا بكر بن أبي داود روى بإسناده عن طلحة بن مصرّفٍ قال : دفن عثمان المصاحف بين القبر والمنبر , وبإسناده عن طاووسٍ أنّه لم يكن يرى بأساً أن تحرق الكتب , وقال : إنّ الماء والنّار خلق من خلق اللّه .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ملاعب الأسنة

ملاعب الأسنة


عدد الرسائل : 223
تاريخ التسجيل : 19/06/2007

أحكام المصحف Empty
مُساهمةموضوع: رد: أحكام المصحف   أحكام المصحف Emptyالإثنين فبراير 11, 2008 4:37 pm

أذكر أنني كنت جالساً في بيت الدكتور نور الدين عتر حفظه الله تعالى رأيت أحد الطلبة من كلية الشريعة في جامعة دمشق كان ينجز عملاً لرسالة الماجستير حول ( أحكام المصحف ) لا أذكر اسم الطالب الآن، إلا أن الدكتور نور الدين كان مشرفاً عليه .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ملاعب الأسنة

ملاعب الأسنة


عدد الرسائل : 223
تاريخ التسجيل : 19/06/2007

أحكام المصحف Empty
مُساهمةموضوع: رد: أحكام المصحف   أحكام المصحف Emptyالإثنين فبراير 11, 2008 4:39 pm

أحكام المصحف PAGE001
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
أحكام المصحف
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات طالب العلم الشرعي :: منتديات طالب العلم الشرعي :: منتدى التفسير ... قسم يختص بالتفسير وعلوم القرآن-
انتقل الى: