قصيدة بمناسبة المولد النبوي الأغرّ
شعر محمد ياسين العشاب
خبا النبراس
شِفَـائِيَ إنْ شُفِيـتِ هُـوَ الشِّفَـاءُ***وبُرْئِـيَ ماسَقِمْـتِ هُوَ العَـنَاءُ
لأَنْـتِ ومُهْجَتِـي شَـيْءٌ ورُوحِـي***وَرُوحُـكِ لَيْسَبَيْـنَهُـمَا هَوَاءُ
كَـلِـفْتُ بِـمَا كَـلِفْـتِ بـه فَأَنَّى***مَشَـيْتِ أَسيـرُيَغْمُرُنِـي الوَفَاءُ (1)
وعِشْـتُ على هُدَى الأَمَلِ المُرَجَّى***وصَانَ فُـؤَادِيَالكَلِـفَ الرَّجَـاءُ
إلاَمَ الشَّـوْقُ يُـحْرِقُـنِـي ويُدْمِي***شُعُورِيَ، والنَّـوَىللقَـلْـبِ دَاءُ
أَيَشْكُـو مِنْ بِعَـادِكِ كُـلُّ نَبْــضٍ***وأَنْـتِ ومُهْجَـتِيأَبَـدًا سَوَاءُ
وعُشُّـكِ فِي الفُؤَادِ فَكَيْـفَ يَبـْكي***كَمُنْتَـحِـبٍوأَنْـتِ لَـهُ وِقَـاءُ؟
فَـدَتْـكِ الرُّوحُ تَوْءَمَـهَا فَسِيرِي***إِلَـيَّ بِمُهْـجَـةٍولَـكِ الفِــدَاءُ
فَدَتْـكِ الرُّوحُ تَوْءَمَـهَا فَمـُنِّـي*** بِطَيْفٍ مِنْـكِمُجْمَلُـهُ بَـهَــاءُ
لَعَـلَّ القَـلْـبَ يُـؤْنِـسُـهُ خَيَالٌ***إلَى أَنْ يَشْفِـيَالقَـلْبَ اللِّـقَـاءُ
**** **** ****
بَرِئْـتُ إلى المُهَيْمِـنِ مِنْ فُـؤَادٍ***سَبَـاهُ الحُزْنُفَهْـوَ بِهِ هَـبَـاءُ
تَطُوفُ بِـهِ المَوَاجِـدُ كُـلَّ لَيْـلٍ***فيُصبِـحُ لا يَطيـبُلَـهُ بَـقَـاءُ
ولَيْسَ تَـفِي الدُّمُوعُ أَسَـاهُ حَتَّى*** وإن كَانَـتْتَفِيـضُ بها السَّمَاءُ!
خَـبَا النِّبْرَاسُ، وَيْحِيَ كَيْفَ أَحْيَى!***وكيفَ بِجُنْـحِلَيْـلٍ يُسْـتَـضَاءُ؟ (2)
وَإِنَّ سِرَاجِيَ الهَـادي دَلِـيــلٌ *** مِنَ الْمِنْهَـاجِفَاضَ بِهِ الرّجَـاءُ
خَـبَا النِّبْرَاسُ، وَيْحِيَ قَدْ تَجَلَّـتْ*** حَيَاتِيَظُلْمَـةً وعَـفَا السَّـنَـاءُ
وأَيْنَ العَهْـدُ مِنِّي؟ أَسْـتَـقَـرَّتْ*** بِقَـلْـبِيَغُرْبَـةٌ مِـمَّا أَشَـاءُ؟!
تَحِـنُّ إلى مَـلاَذِ النُّـورِ رُوحِي*** ويَخْْشَى النَّاسُ أَنْيَثِـبَ الضِّيَاءُ!
ومَا أَزْرَى بِـهِـمْ إلاَّ حَــيـَاةٌ***تَعَقَّـبَـهَا الهَـوَىفهَوَى الإِبَـاءُ
نَـضَا عنها هَـوَاهَـا كُـلَّ خَيْـرٍ***فَأَضْحَـتْ لايُـدَثِّـرُهَــا رِدَاءُ
عَجِبْــتُ لِمَعْـشَرٍ تَـاهُوا وضَلُّوا***ونـاسٍ سُـذَّجٍبالخِـزْيِ بَاءُوا
أَتَـاهُـمْ بالهُدَى الهادي فَـرَامُـوا***سِـوَاهُ، فضَاعَبَيْنَهُـمُ النَّـقَاءُ
وظَنُّوا في حَضَارَتِهِمْ غَنَــــاءً ***ومـا في ظِـلِّـهاأبَـدًا غَنَـاءُ
وَمَــا زَالَـتْ تُصَفِّـقُ لِلْمَخَـازِي*** أَيَادِيـــهِمْ،ويُغْرِيهَا الخَنَاء! (3)
فـقُــلْ للرَّاغِبِيـنَ عَنِ المَعَـالِي*** رَأَيْـــتُ الظُّلْمَفَارَقَـهُ البَقَاءُ
فكـيـف بِكُـمْ إذا ما الليـلُ وَلَّـى*** وجِــئْنَا خَيْرَ مَنْمِنَّا يُجـَاءُ
فـأَرْشَـدَنَا فأَشْـرَقَ كُـلُّ شَـيءٍ*** ففَاضَ النُّـورُ ليسله انتِهَـاءُ
فيـَوْمَئـِـذٍ تـَوَدُّونَ اخْـتـِفـَاءً***عَنِ الدُّنْـيَا، ومايُجْدِي اخْتِبَـاءُ؟
**** **** ****
إِمَـامَ المُرْسَلِيـنَ سَمَـوْتُ لَمَّا*** أَتَيْـتُـكَفاستَجَـابَ لِـيَ الهنَاءُ
وزَانََ بِحُـبِّكُـمْ قَـلْبِي صَـفَاءٌ***ولَيْـسَ بدونِكُـمْيُـرْجَى صَـفَاءُ
وليسَ لِعَاشِـقٍ مِثْلِـي سِوَاكُـمْ***حَبِـيـبًا أرتَضِيــهِفـلا أُسَـاءُ
فإنْ كان النَّسيبُ أَحَاطَ شِعْـرِي ***بِعـِلّــَتِهِفـَمَدْحُـكُـمُ الـدَّوَاءُ
وإِنْ أَدْمَى فُـؤادِيَ خَطْبُ قومِي*** فأنـتَ لَهُـمْ ولِيدَوْمًـا رَجَـاءُ
حَبِـيـبَ اللهِ لَوْ رَشَدُوا لَجَاءُوا***إلـيــكَ فأنـتَ واللهِالشّـِفَـاءُ
لأنـتَ النُّـورُ والبُـرْهانُ فيـنا***تَـجـلَّى مـا لـه أبــدًافنَـاءُ
وأَنـتَ الفَيْـضُ جَادَ بكـلِّ بـِرٍّ*** ورِيِّ هُـدًى بـهاسْتَشْفَى ظِمَاءُ
وأنتَ المُجْتَـبَى مِن خَيْـرِ طُهْـرٍ***وأَنتَ الخَيْرُ فَـــاضَبه رُوَاءُ
تَـلأْلأَ هَدْيُـكَ السَّامِي فَأَحْـيَى***صُدُورًا شَانَــهَابالأمـسِ دَاءُ
وأشرقَ بالمَحَبَّـةِ مِثْـلَ شَمْسٍ***مِنَ الرَّحَمَاتِ زَانَ بهاالفَضَـاءُ
**** **** ****
خَـبَا النِّبْرَاسُ فانتَبِـهُـوا لأَمْرٍ***دَنَـا فَمَحَا بهِالصُّبْحَ المسَـاءُ
ورَاعَ العالَمِيـنَ دُجًى مُقِيــمٌ***كَـأَنَّ الأرضَطَوَّقَـهَـا بَـلاَءُ
فَمَـنْ للنُّـورِ يَنْشُرُهُ سِوَاكُـمْ***ومَـنْ للعَـدْلِهَـدَّدَهُ عَـفَـاءُ
أَرَى الدُّنْـيَا تُنَادِيكُـمْ فَهُـبُّـوا***فـإنَّ الأرضَزلـزَلَها النِّـدَاءُ!
شَجَـاهَا العدلُ جَفَّ فصارَ مَحْلاً***وأنتُـمْ أُمَّـةَالمُخـتـارِ مَـاءُ
حَبيـبَ اللهِ لو عَلِمُوا لَجَــاءُوا***إليـكَ ففَـازَ مَنْللَّـهِ فَـاءُوا
الشرح:1) اَلْكَلَفُ ــ حسب الإمام الثعالبي في فقه اللغة ــ هو المرتبةالثالثة من مراتب الحب وتَفصِيلِه، وكَلِفَ بالشيءِ إذا أُولِعَ به، كقول ابنالفارض في بعض شعره: إنْ زَارَ يَوْمًا يَا حَشَايَ تَقَطَّعِي *** كَلَفاً بِهِأَوْ سَارَ يَا عَيْنُ اذْرِفِي2) خَبَا أي انطَفَأ، كقول ابن سهل الأندلسي رحمه الله: أَصْبَحْتَكَالشَّمْعَةِ لَمَّا خَبَا *** مِنْهَا الضِّيَاءُ اسْوَدَّ فِيهَا الذُّبَالُوالنِّبراسُ هو المصباح، يقول أبو تمام : فَاللَّهُ قَدْ ضَرَبَ الْأَقَلَّلِنُورِهِ مَثَلاً مِنَ الْمِشْكَاةْ وَالنِّبْرَاسِ3) اَلْخَنَاء : الفُحْش، من شعر يوسف النبهاني رحمه الله: سَجِيِّتُهُمْ فِعْلُ الْخَنَاءِ وَدِينُهُمْ***كَأَنْفُسِِهِمْ خُبْثاً حَوَىالْعَارَ وَالعُرَّا